استعان الجزائريون الأوائل في حاجاتهم على الصيد وتربية المواشي؛ لذا فإننا نجد من خلال الوثائق التاریخیة التي عثر عليها من قبل المؤرخين بعض الرسومات في ضواحي بسكرة تدل على وجود أشخاص كانوا يرتدون ملابس جلدية، كما تخصصت النساء في صناعة الألبسة المعدة بصفة أساسية من جلد الغنم والبقر وكذلك الإبل باعتبارها مادة أولية للصناعة الجلدية
تاريخ صناعة الجلود
عرف النشاط الحرفي نهضة خلال القرن الرابع عشر، ومن أبرز النشاطات هي صناعة الجلود، حيث كانت توجد العديد من الصناعات الجلدية منها 480 محل سروجية و167محل للأحذیة یعمل فیها أكثر من 500 حرفي، وفي الفترة الاستعمارية خضعت الجلود للتبعية الفرنسیة فكانت المصنوعات الجلـــــــدیة تنتج تلبية حاجيات الجيش الفرنسي.
وبعد بزوغ فجر الاستقلال كان في الجزائر بعض المدابغ الحرفية القديمة وبعض المعامل الصغيرة والمتوسطة لصنع الأحذية، تمركزت الصناعات الجلدية حول العاصمة ومدينة وهران وخلال 1965 و 1966 أًنشئت 46 وحدات جديدة في قطاع الجلود واستثماراتها الدولة، وخلال هذا وجدت الشركة الوطنية الجزائرية للدباغة والشركة الوطنية لصناعة الأحذية في ثماني وحدات إنتاجية.
أهم مناطق تمركز الصناعة التقليدية في الجزائر
تتركز صناعة الجلود في الجزائر من الشمال إلى الجنوب، وتعدد المناطق الرعوية جعل من صناعة الجلود أولوية عبر كل الطبقات في المجتمع الجزائر قديما وحديثا .فقد اشتهرت مدينة تلمسان منذ القدم بصناعة الجلود وكانت تمثل مركزاً هاما للصناعة الجلدية والدباغة، وهي مستوحاة من الفنون الأندلسية، وهو ما يجعلنا نجد انتشاراً موسعا لصناعة السروج والتطریز على الجلد والخياطة مستقاة من الفن الشعبي، كما عُرفت بجاية بصناعة الأحذية.
أما منطقة الأوراس فقـــد تمیزت ببساطتها في صناعة الجلود، باعتمادها على وسائل بسيطة بدائية من أهم منتوجاتها السروج والأحذية. كما تميزت كل من تيبازة وسيدي بلعباس بصناعة الســـروج لاشتهار هــــا بتربية الخيول وتطورت فيها أشكال الرسومات المنقوشة على السروج، واشتهرت مدينة المدية بصناعة الجلود وذاع صيتها لدقة حرفيها وخبرتهم الطويلة في خدمة الجلود بفضل انتشار الماشية والخيل، كما عرفت تطورا لصناعة الأحذية منذ حقبة ما قبل التاريخ.
وفي الجنوب الجزائري تتم صناعة الجلود تبعا للعادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة، ففي مدينة تمنراست یقوم الحرفي الطارقي بإنجاز الدروع من جلد الجمل، في انشغال الطوارق بتربية الماعز والجمال سمح بانتشار العمل على الجلد والذي هو في الأغلب من اختصاص المرأة مادام الرجل متخصصين في صناعة الحلي، وتعبر الجلود على تاریخ المنطقة انطلاقا من النقوش والزخارف المعتمدة في الصنع منحوتة برموز خاصة بالمنطقة.
تنوعت المنتوجات الجلدیة بمدينة تمنراست وانتقلت من مجرد صناعة تقلیدیة إلى فن وإبداع حرفي حقیقي على مادة الجلد من قرب وأغمده للخناجر وهو من بین الأسلحة التي یستخدمها الطوارق مغطى بجلد ألأیهم وهو حیوان الهقار یرصع بنقوش تترجم معتقدات المنطقة.